تدعو المنظمات الموقعة أدناه الدول الأعضاء والمراقبة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لدعم تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، على وجه السرعة، أثناء الجلسة الخمسين للمجلس.
أصحاب السعادة،
لقد سبق وأعربت المنظمات الموقعة أدناه عن ترحيبها بقرار مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بتشكيل بعثة تقصي الحقائق المستقلة بشأن ليبيا في 22 يونيو 2020، في القرار رقم 43/39، لمدة عام واحد. ونص قرار تشكيلها على التحقيق في انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي المرتكَبة، بما في ذلك أي أبعاد جنسانية لهذه الانتهاكات والتجاوزات، في جميع أنحاء ليبيا، ومن جميع الأطراف، منذ بداية عام 2016، وكذا الحفاظ على الأدلة؛ بهدف منع المزيد من التدهور في حالة حقوق الإنسان، وضمان المساءلة. وفي أكتوبر 2021، جدد مجلس حقوق الإنسان ولاية البعثة لمدة تسعة أشهر، حتى نهاية يونيو 2022. ومن المقرر أن تقدم بعثة تقصي الحقائق تقريرها الشامل لمجلس حقوق الإنسان في 6 يوليو 2022.
منذ تشكيلها في 2020، وحتى الآن، برهنت تحقيقات بعثة تقصى الحقائق على مدى أهميتها؛ لإثبات الحقائق والأنماط المتعلقة بانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي المرتكبة في ليبيا منذ 2016. إلا أن عمل بعثة تقصي الحقائق لم ينته بعد، الأمر الذي يحتم تجديد ولايتها؛ لمواصلة التحقيق في الجرائم والانتهاكات الجارية، وإلقاء الضوء على حالة حقوق الإنسان، وكذا إرسال رسالة مفادها أنه لم يعد بالإمكان التسامح مع تفشي الإفلات من العقاب. إن دعم مسارات المساءلة، بما في ذلك استخدام آليات التحقيق الدولية مثل بعثة تقصي الحقائق، هو مفتاح استعادة سيادة القانون في ليبيا.
وفي مارس 2022، خلصت بعثة تقصي الحقائق في تقريرها المؤقت، إلى أن ثقافة الإفلات من العقاب تعرقل انتقال ليبيا إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون. بعدما دخلت ليبيا في مأزق سياسي يهدد بتفتيت البلاد، والمتمثل في إرجاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى أجل غير مسمى، بعدما كان من المقرر إجرائها في 24 ديسمبر 2021.
في الوقت نفسه، تستغل الجماعات والميليشيات المسلحة نقاط الضعف المؤسسية، وتواصل ارتكاب العديد من الجرائم والانتهاكات في ظل إفلات من العقاب. وإلى حد كبير، أخفق القضاء الليبي في محاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك، على سبيل المثال، عمليات القتل خارج نطاق القانون في ترهونة. كما أخضعت الجماعات المسلحة والميليشيات المدعين العامين والقضاة للاختطاف والتهديد وأعمال العنف الأخرى. وفي الوقت نفسه، يتواصل انتهاك حظر الأسلحة المفروض من جانب الأمم المتحدة، إذ تقدم دول الدعم لمختلف أطراف النزاع، بينما يتواصل تواجد آلاف المقاتلين الأجانب في البلاد.
تحقيقات بعثة تقصي الحقائق أشارت لأن «العديد من الأطراف الليبية انتهكت القانون الإنساني الدولي، وربما ارتكبت جرائم حرب». وفي سياق متصل، فإن تصاعد الحملة المنهجية بحق المجتمع المدني ينذر بالخطر؛ إذ أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، خاصةً أولئك الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان وبناء السلام، يواجهون مضايقات وتشهير وتهديدات واحتجاز تعسفي واختفاء قسري وتعذيب وسوء معاملة ومحاكمات جائرة. وحسبما أفادت تحقيقات بعثة تقصي الحقائق أيضًا، فإن النساء والفتيات في ليبيا يواجهن اعتداءات جسدية ومضايقات، بالإضافة لعدد لا يحصى من العقبات المؤسسية والاجتماعية التي تحول دون تمتعهن الكامل بحقوقهن الإنسانية، وغالبًا ما تحد من قدرتهن على المشاركة في الحياة العامة. كما سلط عمل بعثة تقصي الحقائق المزيد من الضوء على الانتهاكات المرتكبة بحق غير المواطنين، مثل المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وبحق الأشخاص عديمي الجنسية -سواء في البحر من جانب قوات خفر السواحل، أو من جانب الحراس في مراكز الاحتجاز وعلى أيدي المتاجرين والمهربين، مشيرةً لأنها قد تصل حد الجرائم ضد الإنسانية.
في ضوء هذا، وبناءً على خطورة وحجم الانتهاكات، فإن المنظمات الموقعة تؤكد على أهمية عمل بعثة تقصي الحقائق وضرورة تجديد تفويضها؛ إذ واجهت البعثة العديد من العقبات منذ تشكيلها، بدايةً بقيود ميزانية الأمم المتحدة وصولًا إلى آثار تفشي جائحة كوفيد-19. ومنذ تمديد تفويض بعثة تقصي الحقائق في أكتوبر 2021، لم تستطع أمانة البعثة وفريق الدعم العمل بكامل طاقتهما سوى في أواخر يناير 2022، الأمر الذي أتاح لها أقل من خمسة أشهر لإعداد تقريرها الشامل. ورغم كل هذه الصعوبات؛ تمكنت بعثة تقصي الحقائق من نشر تقريرين جوهريين يسلطان الضوء على خطورة حالة حقوق الإنسان في ليبيا، ويؤكدان على الحاجة الماسة لإجراء المزيد من التحقيقات؛ لوضع حد لدائرة الانتهاكات ومعالجة الإفلات من العقاب المتفشي على نطاق واسع.
إن عدم تجديد بعثة تقصي الحقائق من جانب مجلس حقوق الإنسان سيوجه رسالة للجماعات المسلحة غير الخاضعة للمساءلة، وللميليشيات، وكذا للمسئولين في ليبيا، مفادها أن أعضاء مجلس حقوق الإنسان والدول المراقبة، والمجتمع الدولي بشكل أعم، يتنصلون من التزاماتهم بضمان المساءلة عن الانتهاكات والتجاوزات الماضية والمستمرة، وأن احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني في ليبيا ليس أولوية. ومن شان هذا النهج أن يؤدي لتصاعد الانتهاكات والجرائم، وزيادة ترسيخ الإفلات من العقاب، فضلًا عن تقويض الجهود المبذولة لتوجيه البلاد نحو الاستقرار السياسي المستند على احترام سيادة القانون.
في هذا السياق، فإننا نحث وفدك بشدة على ضمان تجديد بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا أثناء الجلسة القادمة لمجلس حقوق الإنسان، بالإضافة لتزويدها بالموارد المناسبة، وضمان تمديد ولايتها لعام واحد، على الأقل؛ لتمكينها من مواصلة عملها الحيوي.
وتفضلوا بقبول احترامنا
المنظمات الموقعة:
- منظمة العفو الدولية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز مدافع لحقوق الإنسان
- هيومان رايتس واتش
- لجنة الحقوقيين الدولية
- محامون من أجل العدالة في ليبيا
- رابطة النساء الدولية للسلام والحرية
- مركز ليبيا المستقبل للإعلام والثقافة
- جمعية عدالة للجميع
- منبر المرأة الليبية من أجل السلام
- شبكة أصوات ليبيا
- منظمة رصد الجرائم الليبية
- منظمة شباب من أجل تاورغاء
- المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
- منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري
- منظمة حقوقيون بلا قيود
- المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان