سالم أبوظهير يكتب: تمييز عنصري في ليبيا
بقدر ما يبدو هذا العنوان صادماً، إلا أن فيه الكثير من الحقائق المستندة على الأدلة والبراهين والموثق بعضها بأحكام المحاكم الليبية، والتي تلخص بشكل مؤسف جداً أن هناك بعض الليبيين يعانون من التمييز العنصري في بلادهم.
هذا التمييز الذي لا يقره دين سماوي ولاترتضيه مواثيق حقوق الإنسان، يرتكب بحق بعضهم من حيث أنهم لا ينالون بعضاً من حقوقهم بشكل يساوي ما يناله باقي الليبيون. نعم هو التمييز العنصري ببعض أشكاله وأنواعه يرتكب في ليبيا بسبق الإصرار والترصد ومن جهات يفترض أنها فاعلة ومسؤولة في الدولة.
ينفرد موقع “هنا صوتك” بعرض ملخص لتقرير مهم وخطير صدر مساء الثامن والعشرين من شهر أبريل 2016 عن منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري، والتي تتخد من ليبيا مقراً رئيسياً لها، ورصد جملة من الحقائق والانتهاكات والتمييز في بعض مؤسسات الدولة الليبية التشريعية والتنفيذية.
يقول التقرير إن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا مارست تمييزاً عنصرياً ضد فئة من فئات الشعب الليبي، حيث تم إلغاء حق الأقلية التباوية في الاقتراع العام واقتصر على حقها في الاقتراع على المقعد الخاص بها فقط، وهذا مختلف عن بقية أنحاء ليبيا وبقية المكونات في أحقيتهم في التصويت إما للمقعد العام أو للمقعد الخاص بهم. وهذه الحالة تعتبر خرقاً جسيماً لقوانين المفوضية نفسها وتمييزاً عنصرياً بحق الأقلية التباوية في ليبيا.
كما يشير التقرير إلى أنه في شهر فبراير لعام 2016، أصدرت لجنة مفوضية الاتنخابات المكلفة بفض النزاع في نتائج انتخابات الكفرة بتعيين عضوين في مجلس النواب من الكفرة، وهم من الأغلبية العربية لم يتحصلوا على صوت واحد، رغم أن هناك منتخبين اثنين قد فازا، و صادق مجلس النواب على هذا التعيين. وهذا (بحسب التقرير) يعتبر مخالفا لكل التشريعات الانتخابية وتمييزاً عنصرياً واضحاً وصريحاً من قبل المفوضية العليا لللانتخابات ومن مجلس النواب.
ورد في التقرير أن هناك تمييزاً ضد حق المرأة الليبية، حيت يشير إلى أن تمثيل المرأة في الحكومات الليبية لم يكن بالصورة المطلوبة، وكذلك في مراكز الدولة المهمة. فالمجلس الرئاسي بحسب التقرير لم يكن فيه امرأة واحدة وكذلك في تشكيلة الحكومة الأخيرة. ويشير التقرير إلى أن هناك تمييزاً واضحا في مقترحات ومخرجات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، خصوصاً في قضايا مثل منع الزوجة الليبية من حق إعطاء الجنسية لأبنائها والتمييز بينها وبين الرجل الليبي.
يشير التقرير إلى أن ما ورد في مخرجات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في باب الحقوق والحريات بخصوص حظر التمييز بكل أشكاله غير كافٍ (بحسب التقرير)، فلم يرد في كل النصوص في هذا الباب تجريم وحظر كل أشكال التمييز، من لون وعرق وجنس وأصل ولغة (بل ورد بعض أشكاله) فقط، أي بمعنى أن البقية غير موجودة في ليبيا أو مسموح بها.
وقد اختتم التقريرما رصده من انتهاكات بتوصيات مهمة، أهمها ما أوصى به الدولة الليبية من ضرورة العمل بشكل جاد على حظر الدعوة الى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف. كما أوصى التقرير وزراء التعليم في ليبيا بضرورة إعادة النظر في مناهج الدراسة وخاصة كتب التاريخ ليكون لها الريادة والدور الفعال في مقاومة التمييز والعمل على ترسيخ مفاهيم المساواة بين أبناء الوطن جميعهم.
صورة الغلاف كاركاتير عبد الحليم القماطي